كيف أشرحُ بيتاً شعريَّاً ؟

[الاستاذ جاسم المفلح]

كيف أشرحُ بيتاً شعريَّاً ؟
البكالوريا مادة اللغة العربية - شهادة التعليم الثانوي

الشَّرحُ لا يعني أن نأتيَ بمرادفِ كلِّ كلمةٍ في البيت مكانَها دونَ تغييرٍ في التَّرتيب، فهذا لا يُعطي العلامة التَّامَّة، وهذا مثال من الشَّرح الفاسد:
لي مِنَ الشَّمسِ خِلْعَةٌ صَفراءُ ==لا أبالي إذا أتَاني الشِّتاءُ
الشَّرح: ( عندي من الشَّمس لباس أصفر، لا أكترثُ إذا وصلني الشَّتاء ! )
فهذا الشَّرحُ ضعيفٌ ليس فيه روحُ ولا أسلوبُ الطَّالبِ، فالشَّرحُ يتطلَّبُ مِنَ الطَّالب أن يفهمَ البيتَ، ثمَّ يعيدُ صياغتَه وترتيبَه بأسلوبه الأدبيِّ، مثال:
جعلتُ من أشعةِ الشَّمسِ رِداءً يَحميني من البرد القارس؛ لذا لا أكترثُ بهِ.
2_ لم أعتمدْ زخرفةَ الشُّروحِ بأسلوبٍ أدبيٍّ، وعباراتٍ رنَّانة، وإنَّما اكتفيتُ بشـرحِ المعنى الرَّئيسِ باختصارٍ، بما يضمنُ للطَّالب علامة السُّؤال بإذن الله، وأفسحتُ مجالَ الإضافة للطَّالب الَّذي أُوتِيَ مَوهبةً أدبيَّة إن أحبَّ إغناءَ الشَّرح، والسَّببُ في هذا أنَّي لا أريدُ من الطَّالبِ حِفْظَ الأبياتِ بَصْماً، فهذا يتطَلَّبُ منه وقتاً طويلاً ، وإنَّما الهدفُ هنا أن يفهم البيتَ، ثمَّ يعيدُ شرحَه بطريقتِه الخاصَّة.
3_ إذا صادفَ الطَّالبُ تركيباً مجازيَّاً، فليس عليه أن يأتيَ بمُرادفٍ للكلمةِ وحسْب، وإنَّما عليه أن يتصرَّفَ فيها:
مثال:
وبديعةِ الثَّمراتِ تعبرُ نحوَها==عينايَ بحرَ عجائبٍ مسجورا
الشَّرح: (وفي حديقةِ هذا القصرِ أشجارٌ اصطناعيَّةٌ ذاتُ ثمارٍ مدهشةٍ ، أحدِّق بها من بعيد فتصادفُ ناظري مشاهدُ كثيرةٌ من المناظر العجيبة قبلَ أن يراها).
استعمل الشَّاعرُ ( بحرَ عجائبٍ مسجوراً)، ولكنَّه لم يقصد أنَّه يرى حقَّاً بحراً من العجائب مليئاً؛ لذا في الشَّرح أغفلتُ ذكرَ كلمة (البحر)، وأتيتُ بالمعنى المُراد من استعمال هذا التَّركيب.
4_ مِمَّا يزيدُ الشَّرحَ براعةً أن يُعلِّلَ الطَّالبُ أسبابَ بعضِ الظَّواهر الَّتي ذكرَها الشَّاعر، وإن كان الشَّاعرُ قد اكتفى بالظَّاهرة ولم يُعلِّل سببها، وإنَّما ترك هذا لفهم المُتلقِّي، وهذا مطلوبٌ بشكلٍ أكثرَ إلحاحاً في شعر التَّفعيلة؛ لأنَّه يعتمدُ على الاختصار.
مثال، قال البيَّاتي

الشَّمسُ، والحمرُ الهزيلةُ ، والذُّبابْ
وحذاءُ جنديٍّ قديمْ
يتداولُ الأيدي
الشَّرح:
ممَّا شاهدتُ في سوقِ قريتِنا الفقيرةِ في وَضَحِ النَّهارِ: الحميرُ الَّتي ضَعُفَ جسدُهَا لقلَّةِ الطَّعامِ، والذُّبابُ الَّذي جاءَ بسببِ انتشارِ الأوساخِ، وهناكَ صفقةٌ تِجاريَّةُ تُعقَدُ لبيعِ حذاءِ جنديٍّ بالٍ !
...................... ...................... ...................... ................
جاء في سلَّم العلامات: للتَّعبير عن معنى البيت عشرون درجة، نصفها لصحَّة المعنى ونصفها لسلامة الأسلوب، ولا تُعطى درجة الأسلوب إلَّا عند صحَّة المعنى، على أن يلُمَّ الطَّالب في تعبيره بفكرة البيت.
مثال:
قالتْ نازك الملائكة في وصف حالها للوصول إلى عالم يوتوبيا:
أسيرُ أسيرُ ولا شيء يبدو ... أمامي غير امتداد الطَّريق
فكرة البيت: خيبةُ أمل الشَّاعرة في الوصول إلى يوتوبيا.
إذا كان شرحُ الطَّالبِ مُلِمَّاً بها بأسلوبٍ جيِّد يأخذ العلامة كاملة.

الشَّافية لطلَّاب الثَّالث الثَّانوي الأدبي والعلمي