علوم للجميع | المنتدى |
|
||||||
يحوي قسم الـ , الحوار العامللنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه |
#1
|
||||
|
||||
خطبة الجمعة 2016/12/30 إن إلى ربّك الرُّجْعى
روى البيهقي وغيره عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لرجلٍ وهو يَعِظُه " اغتنِمْ خمساً قبل خمس: شبابَك قبل هِرَمِك، وصِحَّتَك قبل سِقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك " اعلموا إخوة الإيمان أن الحياة التي يجب أن نهتم بها ونعدّ العدة لها لم تأت بعد مهما توالت السنون وتعاقبت الليالي والأيام وانقضى من الأعوام قال سبحانه ( كلا إذا دُكّت الأرض دكّاً دكّاً * وجاء ربّك والملك صفّاً صفّاً * وجيء يومئذٍ بجهنم * يومئذٍ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذكرى * يقول يا ليتني قدّمت لحياتي ) الحياة الآخرة تبدأ يوم تنقضي هذه الحياة الفانية، وتستحق أن نهتمّ لها إن الله تعالى ( جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ) ويؤنّب الكفار يؤنب الذين أعطاهم العمر المديد، وفسح لهم أجلاً فلم يستفيدوا منه ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ) قال أهل بعض التفسير: النذير الشيب، إذا جاء لأحدنا فقد أنذره بانقضاء العمر واقتراب الأجل! ومدح تبارك وتعالى المؤمنين الذين استفادوا من أعمارهم، واغتنموا أوقاتهم، فقال عز وجل ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) تصبح أيامنا هذه خالية ماضية! أما اليوم فما زالت الفرصة أمامنا، ما زال الأمل باغتنامها متاحاً، والموفق الله إخوة الإيمان: لا يخدعنّ أحدَنا أنه في صحة وفراغ وقوة وهمة، فالعوارض التي تعرض لنا كثيرة، والأشغال متعددة، وقد تتزاحم الهموم، فتشغل تفكيرنا، وتكدّرنا مشكلات الحياة فلا يدري ماذا تخبئ له الأيام /نسأل الله فرجاً قريباً، وانجلاء الكروب/ ربما انشغل أحدنا بمرض يُقعِده سنوات طويلة، يصرفه عن نشاط أو عمل، ولا يظنن الشاب فينا أنه سيستمر على ما هو عليه، يقول الشاعر: أترجو أن تكون وأنت شيخ *** كما قد كنت أيام الشباب لقد كذبتك نفسك ليس ثوب *** دريس كالجديد من الثياب /دريس أي بالٍ قديم/ لا يخدعنّنا أنا في قوة أو صحة أو أمان أو فراغ نهدره على ما لا ينفع وقد صوّر لنا كتاب الله عز وجل حياة كلٍّ منا قال سبحانه ( اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ) وكلنا آيلون إلى هذا الضعف، فليكن لنا برسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة لنأخذ من السلف الصالح دروساً نعمل بها وزعوا أوقاتهم ما بين العبادة، والتعلم، والحفظ، والتدريس، والتصنيف والإفتاء، ربما كان يُقرأ عليهم في الطريق اغتناماً للوقت، كان الخطيب البغدادي رحمه الله يمشي وفي يده جزء يطالعه، وكان جد شيخ الإسلام يدخل ليغتسل فيأمر قارئاً يقرأ ويرفع صوته؛ ليستفيد من العلم وهو يغتسل، يختارون من الطعام ما يسهل مضغه وبلعه! لا يهدرون أوقاتهم على الموائد، والسهر والملذّات، فالعمر أثمن من يُضيَّع! وروي عن بعضهم أنه وهو يحتضر على فراش الموت كان يتعلم مسألة يتدبّرها! يغتنم ما بقي من عمره بعلم نافع. يقول لنا أهل العلم، وأهل الإدارة: اختاروا من الأعمال الأَولى فالأَولى، والأفضل فالأفضل والأنسب للوقت والحال فالأنسب للشاب في مقتبل العمر أن يستزيد من العلم والفهم، ويبذل جهده في تحصيل والتمكن فيه، حتى إذا انتقل إلى العمل انتفع ونفع غيره وكما نختار من الأعمال ما يناسب الوقت، كذلك نختار ما يناسب الحال وقد ذكرت لكم ذكرت ذات مرة أن الأنسب للغني عبادة البذل والإنفاق، ورعاية الفقير والمسكين والمحتاج، والأنسب للعالِم التعليم والوعظ والإرشاد، والأنسب للقوي أن يؤازر الضعيف، ويحمل للعاجز ويعين الكَلّ... وهكذا ينفع نفسه ويعود خيراً على مَن حوله علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرتّب الأعمال بدءً بالأهم ثم ما بعده " أفضل الأعمال: الصلاة على وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله " نظر السلف الصالح إلى ما كان عليه أهل عصرهم من خطأ في إضاعة الوقت، وهدر العمر، قال أحد علماء بغداد: رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً، إن طال الليل فبحديث لا ينفع، أو بقراءة كتاب وسمر، ويعني قراءة التافه من الكتب /كما كان أجدادنا يمضون الليالي على سيرة الزير وعنترة/! وإن طال النهار فبالنوم، على أطراف دجلة، أو في الأسواق! ماذا لو جاء ذلك العالِم البصير فنظر إلى أحوالنا؟! بمَ نُمضي أوقاتنا؟ بمَ نهدر أعمارنا ؟ ونضيع أيامنا وليالينا؟! لقد كثرت التقنية بين أيدينا، فوفّرت لنا الكثير من الوقت والجهد، ولكنا صرنا نهدره في التقنية ذاتها، على الهواتف ووسائل التواصل! وفّرت الأجهزة المنزلية الكثير من الوقت لربة المنزل، فبمَ أمضت الوقت؟ وبم انتفعت؟ وكذلك العامل أو الموظف؟ قد يجد وقتاً فائضاً... فهل ننتفع به وننفع؟! من خير الدنيا والآخرة يقول الشاعر: إني أرى عمري يمرّ بسرعة...ولسوف يأتي هادم اللذات ماذا عساي إذا رحلت مُقصّراً...هلّا اعتبرت اليوم قبل مماتي آهٍ من الدنيا فُتنْتُ بها وقد...حرَمَتْ فؤادي لذة الطاعات يا رب هذا الحال عندك علمُه...بدِّل بعفوك يا كريم حياتي اللهم بدّل حالنا إلى أحسن حال الاستاذ الشيخ إبراهيم عبد الباقي
زوار منتدى علوم للجميع الكرام ,, يشرفنا كتابة ارائكم حول المواضيع المطروحة
[اضافة تعليق]
|