عندما توصف البدانة كجائحة، يصبح من الضروري البحث عن طرق فعالة للوقاية منها، وعندما تفشل الوقاية يصبح العلاج ضرورياً، والاستراتيجيات العلاجية عديدة وتشمل: الحمية الغذائية، والرياضة، وتغير السلوك والعادات، والعلاج الدوائي، وأخيراً الجراحة. وتعتمد معايير اختيار الطريقة العلاجية على درجة خطورة البدانة مقارنة بخطورة العلاج الدوائي، فلمعظم أدوية البدانة تأثيرات جانبية لايستهان بها. والقرار العلاجي الدوائي يجب أن يبقى محصوراً حيث ترجح كفة المزايا على كفة المخاطر. يبدو مثل هذا التقييم قبل البدء بالعلاج الدوائي ضروريا،ً فلمعظم الأدوية تأثيرات جانبية هامة، ومنذ أدخل التايروكسين لعلاج البدانة عام 1893 وحتى يومنا هذا، وكلما ظهر دواءٌ جديد حمل معه تأثيرات جانبية غير مرغوب بها، قد تستوجب إيقاف العلاج أو على الأقل تقييد استعماله. من ناحية أخرى، وبعد إيقاف العلاج الدوائي تعود البدانة للظهور من جديد، وهذا يؤكد عدم فعالية العلاج على المدى الطويل. فالبدانة مرض مزمن، يقلد في سيره فرط التوتر الشرياني وفرط الكولسترول، وهي أمراض تستقر مع العلاج الدوائي، وتعود لتنكس مع إيقافه. وسر نجاحنا يكمن في الحفاظ على ميزان حروري سلبي، الوارد من الحريرات فيه أقل من الصادر. الأدوية المستعملة حالياً في علاج البدانة: يمكن تقسيمها إلى مجموعتين أساسيتين، تعمل الأولى منها على الجملة العصبية المركزية بهدف التقليل من الوارد الحروري الغذائي، وإنقاص الشهية. وأما الثانية فتعمل خارج الجملة العصبية المركزية، وتحديدا على الجهاز الهضمي. وبغض النظر عن موقع التأثير البدئي، يبقى الهدف الأساسي من العلاج هو إنقاص الوارد، وزيادة الاستهلاك الحروري، أو كلا التأثيرين مجتمعين. ومن أدوية المجموعة الأولى نذكر السيبوترامين: السيبوترامين الـSibutramine: دواءٌ ناهٍ لإعادة قنص السيروتونين والنورأدرينالين، وقد وافقت الـ FDA على استعماله كعلاج للبدانة على المدى الطويل، وذلك بعد تقييمه مطولاً في دراســـــــات عديدة وخـــلال مدة زمنية طويلة اســــــتمرت 6-24 شهر، وشملت النســـــاء والرجال من كل الشـــــــرائح العرقية، وبوسطي عمر تراوح بين 18-65 سنة، وBMI ـ(27-40 كغ/م2). وقد أشارت معظم الدراسات إلى العلاقة الواضحة بين الجرعة العلاجية (5-20 ملغ) ودرجة نقص الوزن، التي كانت عند 67 % من المرضى حوالي 5 % من الوزن الأساسي، ووصلت إلى 10 % عند 35 % من المرضى، وذلك بعد ستة أشهر من العلاج. ولكن معظم المرضى عادوا ليزداد وزنهم بعد إيقاف العلاج، وهذا يشير إلى أن فعالية الدواء مرتبطة باستمرار تناوله. وتجدر الإشارة إلى أن الضياع المهم في الوزن كان عند المرضى الذين بدأوا برنامجهم العلاجي بالحمية وتغير نمط الحياة، ثم أضيف السيبوترامين لاحقاً. الدراسة الأطول على السيبوترامين استمرت لسنتين، وشاركت فيها سبع مراكز طبية، وأوضحت أهمية إطالة مدة العلاج في الحفاظ على نقص الوزن. في البدء وخلال ستة أشهر وضع جميع المرضى على جرعة علاجية 10 ملغ /يوميا، ومن المرضى الذين فقدوا من وزنهم أكثر من 8 كغ تابع ثلثاهم العلاج بالـ Sibutramine، وأما الثلث الباقي فوضع على الـ Placebo خلال 18 شهر. وقد لوحظ أن المرضى الموضوعين على الـ Placebo قد استرجعوا تدريجياً حوالي 80 % من الوزن الذي فقدوه، أما الأشخاص الذين تابعوا العلاج بالسيبوترامين قد حافظوا على وزنهم الجديد لمدة 12 شهر، ونكسهم بعد ذلك كان تدريجيا وبطيئا. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وعلى الرغم من ضياع الوزن الهام عند المرضى المعالجين بالسيبوترامين فإن الضغط الشرياني كان عالياً عندهم قياساً بالـ Placebo. العلاج المتقطع بالسيبوترامين أعطى نتائج جيدة مقارنة بالعلاج المستمر, ففي إحدى الدراسات المعشاة لمدة 52 أسبوع قسم المرضى إلى مجموعتين: عولجت الأولى لمدة سنة بجرعة 15 ملغ يوميا من السيبوترامين بشكل مستمر, وفي المجموعة الثانية استبدل العلاج بالـ Placebo لفترتين كل منهما ستة أسابيع خلال مدة الدراسة. وقد سجل زيادة طفيفة في الوزن خلال العلاج بالـ Placebo, ولكن بعد سنة كان ضياع الوزن متماثلاً في المجموعتين. في دراسة أخرى استمرت 52 أسبوعا على بدينين مصابين بفرط التوتر الشرياني, ومعالجين بحاصرات الكالسيوم مع أو بدون حاصرات β والمدرات التيازيدية, عولج قسم منهم بالسيبوترامين بجرعة متدرجة 5-15 ملغ/يوميا, وقسم آخر عوج بالـ Placebo, حيث كان نقص الوزن هاما عند المعالجين بالسيبوترامين مقارنة بالـ Placebo ـ(7‚4 % و7‚0 % على التتالي) ولكن الدراسة سجلت ارتفاعا هاما في الضغط الشرياني الانقباضي والانبساطي, وزيادة في عدد دقات القلب عند المعالجين بالسيبوترامين. أما عند السكريين البدينين، فقد أكدت دراستين منفصلتين على أن ضبط السكر، وانخفاض مستوى الـ HbA1c كان أفضل عند المعالجين بالسيبوترامين مقارنة بالـ Placebo، ودرجة التحسن تناسبت مع جرعة الدواء، ربما لأن الجرعة العالية أنقصت الوزن أكثر. عند الأطفال, وفي دراسة واسعة متعددة المراكز, شملت 498 يافعا بعمر 12 - 16 سنة، قسموا إلى مجموعة Placebo، وأخرى عولجت بالسيبوترامين 10 - 15 ملغ/يوميا لمدة 12 شهر, في نهايتها كان الانخفاض في الـ BMI عند المعالجين بالسيبوترامين أفضل بكثير قياسا بالـ Placebo ـ(2‚8 % و8‚0 % على التتالي). وقد رافق ذلك تحسنا واضحا في المقاومة على الأنسولين وفي البروفيل الشحمي, ولم تسجل فروقات هامة فيما يتعلق بالضغط الشرياني. بعض الدراسات أشارت بوضوح إلى أهمية تلازم العلاج بالسيبوترامين مع التغيير الجدي في نمط الحياة وتعديل السلوك الغذائي. أهمية العلاج الدوائي المتزامن مع تغيير نمط الحياة في إنقاص الوزن
في مراجعة لإحدى عشر دراسة تبين أنه في سياق العلاج بالسيبوترامين تنقص الشحوم الثلاثية والكولستيرول الكلي والـLDL, ويزداد الـHDL, وترتبط شدة هذه التبدلات بدرجة نقص الوزن في سياق العلاج. السيبوترامين متوافر دوائيا بعيار 5 و10 و15 ملغ, وجرعة البدء المطلوبة عادة هي 10ملغ/ يوميا, وتعدل عادة زيادة إلى 15 ملغ في حال عدم الاستجابة, أو نقصا إلى 5 ملغ عند عدم التحمل. وتشير الدراسات إلى أن 60 % من المرضى اللذين يفقدون من وزنهم 2 كغ خلال مدة 4 أسابيع سينجحون لاحقا في الوصول إلى الهدف (أكثر من 5 % من الوزن الأصلي). سلامة السيبوترامين: يمكن لهذا الدواء أن يرفع الضغط الشرياني عند الأشخاص الأصحاء، وأن يعيق هبوط الضغط الانقباضي والانبساطي بعد العلاج والحمية، ويرافق ذلك زيادة في عدد دقات القلب (4-5 دقات/د)، لذا يجب الحذر عند استعماله مع الأدوية الرافعة للضغط. ويمنع استعماله عند المرضى الاكليليين، وقصور القلب الاحتقاني واضطرابات النظم القلبية، والسوابق الوعائية الدماغية. لايجوز استعمال السيبوترامين مع ناهيات قنص السيروتوبين، ومثبطات الـ Monoamine oxidase، والتي يجب أن توقف قبل أسبوعين من إعطائه. ويمكن للسيبوترامين أن يتداخل في استقلاب الايريثرومايسين والكيتوكونازول، لأنه يستقلب بواسطة الجملة الخمائرية المعتمدة على Cytochrome p-450 الأدوية المقلدة للودي: نذكر منها: الـbenzphetamine والـ diethylpropion والـphentermine، وهي تعمل بآليات مختلفة، تؤدي في النتيجة إلى نهي قنص النورادرينالين من قبل المشابك العصبية، وبالتالي إنقاص الشهية والإحساس بالشبع. كل هذه الأدوية نصف عمرها قصير، وتعطى فمويا عدة مرات يوميا، (ماعدا السيبوترامين الذي يعطى بجرعة وحيدة يومياً). بعض أدوية هذه المجموعة يمكن أن يسبب الاعتياد، الذي ينقص فعالية الدواء، ويستوجب زيادة الجرعة للوصول إلى نتائج علاجية. التأثيرت الجانبية لهذه الأدوية متشابهة: الأرق وجفاف الفم والإمساك والوهن والتأثير الرافع للضغط الشرياني. وتبقى سلامة استعمال الأجيال القديمة من مثبطات الشهية موضع جدل، فلبعضها تأثير إدماني لايستهان به. ومن أدوية المجموعة الثانية التي تنقص امتصاص الشحوم في الأمعاء نذكر الأورليستات: الحركية الدوائية والفعالية: الأورليستات Orlistat هو ناه انتقائي لفعالية الليباز البنكرياســية، مما يـــؤدي إلى نقــــص في هضــم وامتصاص 30 % من المواد الدسمة في الوارد الغذائي، وبالتالي فان فعالية الدواء تضعف مع الحميات ناقصة الدسم. وكل الدراسات أشارت بوضوح إلى فعالية الأوريستات قياسا بالـ Placebo، هذه الدراسات المعشاة استمرت لمدة زمنية كافية وصل بعضها إلى أربع سنوات، وكلها كانت ذو دلالة إحصائية هامة. إحدى هذه الدراسات استمرت أربع سنوات، وشملت 3304 مريضا زائد الوزن، و21 % منهم كان لديه عدم تحمل الغلوكوز. وبعد سنة من الدراســة كانت نســبة نقص الوزن - 11 % مقابل - 6 % عند مجموعة الـ Placebo (قياسا بالوزن البدئي)، وفي نهاية الأربع سنوات كان نقص الوزن - 9‚6 % عند مجموعة الأورليستات مقابل - 1‚4 % عند مجموعة الـ Placebo. وقد أشارت هذه الدراسة إلى نقص هام (37 %) في تحول مرضى عدم تحمل السكر إلى سكري صريح. وتشير دراسات أخرى عند السكريين البدينين إلى أهمية الأورليستات عند مشاركته مع خافضات السكر الفموية في إنقاص الوزن وضبط سكر الدم وتخفيض الـ A1c. سلامة الأورليستات: لاتوجد تأثيرات جهازية عامة للأورليستات (امتصاصه الهضمي شبه معدوم) وتقتصر تأثيراته الجانبية على الأعراض الهضمية والبراز الدهني، وقد يحدث عوز الفيتامينات المنحلة بالدسم مع الاستعمال المديد للأورليستات، وينصح البعض بالتعويض الروتيني لها، والتي تعطى عادة قبل النوم. من جهة أخرى لايعيق الأورليستات امتصاص الأدوية الأخرى باستثتاء الـ Acyclovir مشاركة الأورليستات والسيبوترامين: مثل هذه المشاركة تبدو مغرية للوهلة الأولى، فآلية عمل الأورليستات موضعية هضمية، والسيبوترامين عصبية مركزية. ولكن الدراسات فشلت في تأكيد وجود أية مزايا لهذه المشاركة الدوائية. أدوية أخرى لها دور في علاج البدانة ولكنها لم تحظ بموافقة الهيئات الدوائية الرسمية، وهي عديدة نلخصها فيما يلي: الفلوكسيتين والسيرترالين Fluoxetine & sertraline: هما ناهيان نوعيان لقنص السيروتونين وذلك بحصر مستقبلاته، مما يطيل من عمل السيروتونين، وينقص من الشهية. وقد بينت الدراسات أن 60 ملغ/يوميا من الفلوكسيتين ينقص من تناول الطعام بنسبة 27 %، والجدير بالذكر أن كلا الدوائين حاصل على موافقة الـ FDA كعلاج للهمود. ولكن عودة أكثر من 50 % من الوزن المفقود خلال ستة أشهر من إيقاف العلاج بالفلوكسيتين جعله غير مناسب كعلاج للبدانة على المدى الطويل. وتبرز أهمية هذه الأدوية في علاج حالات الهمود عند المرضى البدينين، وهي مفضلة هنا على مضادات الهمود ثلاثية الحلقة، والتي تسبب زيادة واضحة في الوزن. الببروبيون Bupropion: هو دواء ناهٍ لقنص النورابينيفرين والدوبامين، وافقت عليه الـ FDA لعلاج حالات الهمود. وللمساعدة على وقف التدخين. في دراسة واسعة على مجموعتين من الهموديين، الأولى لديها بدانة مرافقة للهمود، والثانية همود بدون بدانة. كانت فعالية الدواء كعلاج للهمود وللبدانة جيدة. التوبيرامات Topiramate: يستخدم هذا الدواء لعلاج حالات الصرع، وهو ناه ضعيف لخميرة الـ Carbonic anhydrase. ويعمل أيضاً على تعديل فعالية مستقبلات الـ Gamma AmynoButyric Acid ـ(GABA)، وهذا التأثير يلعب دوراً إيجابياً في إنقاص الشهية، ويبقى الاستطباب الأساسي لهذا الدواء حتى الآن هو الاضطرابات الصرعية، أما وصفه كعلاج للبدانة فلم يوافق عليه رسمياً، بالرغم من أن الدراسات تشير إلى نقص وزن بنسبة 3‚7 % عند هؤلاء المرضى بعد سنة من العلاج. من التأثيرات الجانبية المزعجة لهذا الدواء: الخدر والنعاس ونقص التركيز والذاكرة، الزونيزاميد Zonisamide: هو دواء آخر من مضادات الصرع، له فعالية سيروتونينيرجيه ودوبامينيرجيه، إضافة إلى دوره في تثبيط أقنية الكالسيوم والصوديوم، وقد لوحظ إحداثه لنقص الوزن عند مرضى الصرع المعالجين به. اللاموتريجين Lamotrigine: هو أيضا من مضادات الصرع، تميز بتأثيره الخافض للوزن الميتفورمين Metformin: مركب بيغوانيدي، من أدوية الخط الأول الهامة في علاج الداء السكري نمط2، ينقص من إنتاج الغلوكوز الكبدي ومن امتصاص الغلوكوز في الأمعاء، ويحسن من الحساسية على الأنسولين. تشير الدراسات إلى إحداثه لنقص الوزن مقارنة بمركبات السولفونيل عند السكريين. في دراسة BIGPRO التي شملت 324 شخص مصاب ببدانة مركزية ومتلازمة استقلابية، قسّم المرضى إلى مجموعتين: الأولى عولجت بالميتفورمين، والثانية بالـ Placebo، وقد سجل عند مجموعة الميتفورمين في نهاية الدراسة نقصاً في الوزن 1-2 كغ مقارنة بالـ Placebo، وقد خلصت الدراسة إلى أن للميتفورمين دوراً في الوقاية الأولية من الداء السكري نمط2. وأهم الدراسات حول دور الميتفورمين وأهميته في الوقاية من الداء السكري عند البدينين كانت دراسة DPP عند بدينين مصابين باضطراب تحمل السكر، وخلال 8‚2 سنة من العلاج بالميتفورمين بجرعة 850 ملغ مرتين يومياً عند 1073 مريض سجل نقص وزن هام احصائياً - 2.5 % (P
------- تعليق -------
الله يعطيك الف عافية عالمعلومات ياغالي دمت ودام قلمك المبدع ؛؛؛؛؛؛ تحياتي ؛؛؛؛؛؛